التجارة العالمية ليست في أفضل حالاتها .. مخاوف التصدع تطفو على السطح

أقرت نجوزي أوكونجو مديرة منظمة التجارة العالمية أن التجارة العالمية ليست في أفضل حالاتها وتشهد تزايدا في الحمائية، جزء منها يقوض قواعدها وجزء آخر يؤدي إلى التفكك.
وبحسب تصريحها لـ “بي بي سي” قالت نجوزي أن هذه التفككات عادت إلى الواجهة في الأسابيع والأشهر الأخيرة مع فرض الاتحاد الأوروبي تعريفات جمركية مؤقتة تصل إلى 37.4 % على واردات السيارات الكهربائية الصينية،وفرض الولايات المتحدة في مايو تعريفات جمركية بلغت 100 % على السيارات الكهربائية الصينية.
وتتهم كل من بروكسل وواشنطن الحكومة الصينية بدعم قطاع السيارات الكهربائية بشكل غير عادل، ما يسمح للمنتجين بتصدير السيارات بأسعار منخفضة، وتهديد الوظائف في الغرب.
كما زاد الرئيس بايدن ضرائب الاستيراد على مجموعة من المنتجات الصينية الأخرى التي قال إنها بمثابة “صناعات المستقبل”.
من ناحية أخرى، كانت الولايات المتحدة تضخ مليارات الدولارات من الأموال الحكومية في التكنولوجيا الخضراء لتقليل الاعتماد على الواردات الصينية.
وقالت المفوضة التجارية للاتحاد الأوروبي فالديس دومبروفسكيس لـ”بي بي سي” إن أوروبا لا تريد إغلاق سوق السيارات الكهربائية، “نحن نرحب بالواردات، ونرحب بالمنافسة، لكن هذه المنافسة يجب أن تكون عادلة”.
انخفض حجم التجارة العالمية العام الماضي للمرة الثالثة فقط خلال 30 عاما، وفقا لمنظمة التجارة العالمية. وتقول المنظمة إن الانخفاض بنسبة 1.2 % كان مرتبطا بارتفاع التضخم وأسعار الفائدة، وتتوقع حدوث انتعاش هذا العام.
مع ذلك، هذه العوامل تنبع من الأحداث، مثل جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية، التي تستمر في إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي بشكل أساسي، حسبما أوضحت النائب الأول للمدير العام لصندوق النقد الدولي، جيتا جوبيناث، في خطاب ألقته أخيرا.
وأضافت “في الأعوام القليلة الماضية، تعرضنا لصدمات عديدة .. بعدها أصبحت الدول حول العالم تسترشد بشكل متزايد بالأمن الاقتصادي ومخاوف الأمن القومي في تحديد من تتعامل معه تجاريا وأين تستثمر”.
تقول رئيسة منظمة التجارة العالمية: “نحن قلقون أيضا بشأن التصدع الناشئ الذي نراه في بيانات التجارة.. نرى أن التجارة بين الكتل المتشابهة في التوجه تنمو أسرع من التجارة عبر مثل هذه الكتل”.
وتحذر المسؤولة من أن “استمرار العالم في هذا الطريق سيكون مكلفا”. قدرت أبحاث منظمة التجارة العالمية أن هذا سيتسبب في تعثر ناتج الاقتصاد العالمي على المدى الطويل بنسبة 5 %، في حين أشار صندوق النقد الدولي إلى أن الناتج المفقود قد يكون أقرب إلى 7 % أو 7.4 تريليون دولار (5.8 تريليون جنيه إسترليني).
يأتي فرض الاتحاد الأوروبي للتعريفات الجمركية على السيارات الكهربائية الصينية في أعقاب زيادة صادراتها إلى أوروبا خلال الأعوام القليلة الماضية. قفزت الصادرات من 1.6 مليار دولار في 2020 إلى 11.5 مليار دولار العام الماضي، وفقا لإحدى الدراسات التي قالت إنها تشكل الآن 37 % من جميع واردات السيارات الكهربائية إلى الاتحاد الأوروبي.
بالنظر إلى العلاقة الأوسع، يقول ينز إيسكيلوند، رئيس غرفة تجارة الاتحاد الأوروبي في الصين إن “من المذهل” أنه منذ 2017، انخفض حجم البضائع التي باعها الاتحاد الأوروبي إلى الصين بنحو ثلث، على الرغم من أن الاقتصاد الصيني كان ينمو بشكل مطرد.
كما أظهر استطلاع أجرته الغرفة أن ثقة الأعضاء للاستثمار في الصين بلغت أدنى مستوى على الإطلاق.
توجد عقبات أخرى يتعين على التجارة العالمية التغلب عليها، تشمل عقبات في اثنين من أهم الشرايين لنقل البضائع حول العالم.
اضطر مسؤولو قناة بنما هذا العام إلى تقليل عدد السفن المسموح لها بعبور الممر المائي، ويرجع ذلك إلى قلة هطول الأمطار لملء البحيرة التي تغذي القناة.
في الوقت نفسه، فإن قناة السويس متعطلة بسبب الهجمات الحوثية على السفن التجارية. انخفضت حركة المرور في القناة 90 %، وفقا لشركة الخدمات اللوجستية كونا+ناجل.
تقول رئيسة منظمة التجارة العالمية إنه على الرغم من كل التوترات، فإن التجارة أظهرت علامات مرونة، مبينة أن منظمتها يمكنها مساعدة البلدان على حل خلافاتها.
كما تعترف بأن بعض قواعد منظمة التجارة العالمية ستحتاج إلى تغيير للمساعدة في مواجهة تحدي تغير المناخ. وفيما يتعلق بزيادة استخدام التعريفات الجمركية، تضيف: “نأمل ألا يتكرر ما شهدناه في الثلاثينيات عندما فُرِضت تعريفات انتقامية، وبدأت الأمور في الانهيار وخسر الجميع”.